الرئيسة    الفتاوى   القرآن الكريم وعلومه   قراءة القرآن على القبر

قراءة القرآن على القبر

فتوى رقم : 24043

مصنف ضمن : القرآن الكريم وعلومه

لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد

بتاريخ : 26/10/1444 09:43:00

س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. شيخنا الفاضل .. وأنا أقرأ كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ذكر مسألة قراءة القرآن في المقابر وذكر عن الإمام أحمد رحمه الله ثلاث روايات:
الأولى: أن ذلك لا بأس به؛ استدلالا بأثر ابن عمر رضي الله عنهما.
الثانية: أن ذلك مكروه عنده.
الثالثة: أن ذلك جائز عند الدفن ولا يجوز بعد الدفن.
ولعلي فهمت أن شيخ الإسلام يرجح الرواية الثالثة.
سؤالي: ما هو الصحيح في هذه المسألة؟
وهل هي عند السلف تعد من باب الراجح والمرجوح أم من باب السنة والبدعة؛ لأن المعروف عن السلف أنه لم يكن هذا من هديهم؟
وهل فعل ابن عمر رضي الله عنه صحيح؟
جزاك الله خيراً.

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. فإن ما جاء عن ابن عمر أثبته جمع من الأئمة، منهم: أحمد رحمه الله، وهذا يكفي في ثبوته عند ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
أما من حيث المشروعية وعدمها فالأقرب أنه غير مشروع؛ لأنه لو كان مشروعا لأمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به الصحابة وتواصى به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لم يرد إلا عن بعض أفرادهم دل على أنه لم يكن هديا عاما لهم، وكان الصحابة رضوان الله عليهم وقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على نفع الأحياء، فما بالك بنفع الأموات الذين لا يستطيعون نفع أنفسهم.
وأما كون هذه المسائل من البدع أو السنن أو هي من باب الراجح والمرجوح فلا فرق في هذا بين مسائل البدع العملية ومسائل الفروع الفقهية الأخرى، كلها يكون فيها القطعي ويكون فيها الغالب على الظن ويكون فيها الضعيف المرجوح؛ لأنها من جنس المسائل الفقهية لا من جنس المسائل العقدية، أعني مثل هذه المسائل كقراءة القرآن عند القبور وغيرها، فالخلاف فيها هو كالخلاف في صلاة الوتر أو بعض أحكام الصلوات الخمس أو بعض أحكام صلاة الجمعة كوجوب الغسل وعدم وجوبه، وغيرها من الأحكام التي يكون مدارها على الاجتهاد، ومن يذهب إلى أحد القولين عند أهل العلم هو بين أجر وأجرين، إما أن يكون مصيبا فله أجران وإما أن يكون مخطئا بعد اجتهاده فله أجر واحد.
ومن هذا النوع مسائل البدع والسنن في مسائل العبادات، فكل هذا الجنس هو مما يكون الاجتهاد فيه مشروعا، ومن انتهى إلى عدم المشروعية كانت بدعة في حقه، ومن انتهى إلى المشروعية كانت سنة في حقه، وهكذا تتجزأ المسائل من حيث النظر إلى العاملين بها، وإن كان الحق نفسه لا يتجزأ، بل هو واحد في نفس الأمر، ولكن الناظر إلى المختلفين يتجزأ الأمر عنده في المسألة الواحدة، فالمجتهد الذي قال بالمشروعية هو على أجره، والمجتهد الذي قال بعدم المشروعية هو على أجره، ولا ينكر في هذه المسائل، والمقصود بالإنكار هو الإغلاظ بالقول، والمصارمة، والمقاطعة، والمهاجرة، واستحلال العرض والظهر، والتحذير منه ونحو ذلك مما يفعله كثير من جهلة المستنة الذين لا يفرقون بين هذه المقامات. والله أعلم.

تلاوة    قرآن    جنازة    قبر    دفن