أخرج أكثر من الواجب عليه، فهل يحسبه زكاة عن مال آخر؟
فتوى رقم : 24158
مصنف ضمن : الزكاة
لفضيلة الشيخ : سليمان بن عبدالله الماجد
بتاريخ : 01/05/1445 04:23:39
س: شخص دفع زكاة ماله دون أن يحسب مقدار الزكاة، وبعدها بفترة حسب ماله فوجد أن ما دفع من الزكاة أكثر من نصابه الواجب عليه، ويوجد مبلغ آخر مشترك لورثة وله نصيب فيه؛ هذا المبلغ الذي للورثة أرادوا أداء زكاته، فقال لهم: اعتبروا أني زكيت عنه من مقدار الزكاة التي دفعتها أكثر من نصابي (يعني زكّى عنهم من ماله) ؛ هل يصح هذا؟
مع العلم بأن المبلغ الذي زكاه ذهب في سداد دين بعض الورثة ؛ فهل يجوز ذلك أم أنه لا يصح أن يعود شيء من الزكاة لصالح بعض المُزَكين لسداد ديونهم؟
ج: الحمد لله أما بعد .. هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من أوجب أن يكون إخراج نية الزكاة عن المال المعين ؛ فإذا تغير المال لم تصح، ومنهم من يرى أن المقصود الشرعي وجود نية الزكاة عند إخراجها، وهذا قد نوى المال زكاة ولم ينوه صدقة.
والذي يظهر والله أعلم أن له أن يحتسبه من مال آخر حاضرا كان أو مستقبلا، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.
وتعليل ذلك أن النية التي تناط بها الأحكام الشرعية قد حصلت عند الإخراج ، ولأن الزكاة يغلب عليها عقل المعنى ، وأما التعبد المحض فيها فهو قليل ، وما شُرع من التعبد فيها فهو قليل خادم لما فيها من عقول المعنى ؛ بخلاف الصلاة مثلا فهي تعبد محض ، وما يوجد فيها من عقل المعنى فهو قليل خادم للتعبد ؛ فإذا ثبت هذا وكانت المقاصة في الحقوق المالية مشروعة في المعاملات ؛ فهي أولى أن تكون مشروعة في الزكاة ؛ لاجتماعهما في عقل المعنى، ولأنه مال مستحق لصاحبه فلا يُهدر عليه لخطأ ، ولأن هذا الخطأ قد يكون في أموال عظيمة ، والشريعة لا تأتي بتفويتها على صاحبها ، وإذا شُرع التعافي بين الناس بعودة الحق إلى صاحبه إذا سلمه خطأ فالله أولى بالعفو وبصحة الإخراج.
ولا أعلم دليلا على أنه يجب أن يكون إخراج الزكاة عن المال المعين ، بل الأصل أن المناط في شرط العبادة من جهة النية هو أن ينوي الزكاة عند الإخراج ؛ فحيث نواها زكاة فقد صحت منه ، وجاز احتسابها من زكاة مال آخر. والله أعلم.